من المؤكد أن تراكم عوامل عديدة، وعلى مدى زمني طويل؛ هو الذي أفسح المجال للثورة المصرية العظيمة في يناير 2011، ولولا هذه التضحيات التي قدمت طوال عقود من الزمن؛ وهذا التاريخ من الصمود في وجه الاستبداد والطغيان؛ ما كان يمكن للدعوات العاجلة التي سبقت 25 يناير أن تجد الأرض الخصبة، وتؤتي أكلها. لم يكن اندلاع ثورة 25يناير منفصلاً عن سياق دولي واقليمي تفاعل مع الشأن المصري الداخلي وأثر فيه. وسوف نستعرض هنا تلك العوامل الداخلية والخارجية التي أسهمت في تشكيل المناخ الصالح للثورة، والدافع إليها.
كان الأزهر مؤسسة ذات امتياز مدني مستقل لم تكن سلطة دينية ذات كينونة موازية للسلطة السياسية. بل كانت روحا أهلية يحملها جسد الأمة الذي تتوزع أعضاؤه على خريطة العالمين العربي والإسلامي. ولقد كانت تلك الروح بمثابة خط ممانعة مستدامة دفاعا عن مكتسبات الأمة في مواجهة أي ميول سلطوية إلى الظلم والطفيانو التحيفعلى كينونة الأمة: قد استعرضت المؤلفات صورا من الممانعة الحضارية التي كانت إحدى السمات الجوهرية في تاريخ الأزهر الشريف وبرزت أسماء من شيوخ الأزهر وعلمائه وطلابه تصدت للاستبداد السياسي، والمظالم الاجتماعية.
في عام واحد من عمر الحكم المدني، ووسط أجواء مشحونة بالتحديات والتحولات عرفت وزارة الأوقاف المصرية محاولة استثنائية للإصلاح والتغيير. يحاول هذا الكتاب توثيق هذه المحاولة مستعرضا ما شهدته الوزارة من محاولات جادة لاستعادة دورها وتطهيرها من إرث طويل من الفساد والنهب الذي رسخه الحكم العسكري على مدى عقود، قبل أن يتجدد بعد زوال أول تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر الحديثة. نرصد في هذا البحث أوضاع وزارة الأوقاف في عهد الدكتور محمد مرسي، ونسلط الضوء على ما مثله ذلك العام من حالة نجاح مميزة امتدت إلى مجالات متعددة، وكان من أبرزها ما قامت به الوزارة من إصلاحات جريئة، ومواجهة مباشرة لأوكار الفساد وتقديم نموذج إداري استهدف الاتزام بشريعة الله, وصيانة أموال الوقف من العبث والضياع، وحسن إدارتها بما يحقق الصالح العام. هذا الكتاب لا يوثق فقط لحظة سياسية ودينية مهمة بل يفتح أيضا نافذة لفهم العلاقة المتوترة بين السلطة والدين، بين الدولة العميقة وإرادة الإصلاح في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في التاريخ المصري المعاصر.
يأخذك هذا الكتاب في رحلة أدبية فريدة عبر أدب الحركة الإسلامية خلال ثورة يناير المصرية وما قبلها، كاشفا عن الإبداع المقاوم الذي انطلق من رحم الميادين والسجون والمنافي. يستعرض المؤلف نماذج شعرية وقصصية ومسرحية لعدد من الأدباء والكتاب الذين واكبوا الثورة، ووثقوا آلامها وأمالها من منظور إسلامي ملتزم. يعالج الكتاب السمات الفنية لهذا الأدب، وموقفه من الثورة والانقلاب والعوائق التي واجهت مبدعيه في ظل هيمنة المؤسسات الرسمية على المشهد الثقافي. إنه سجل أدبي حافل بالشهادة والمقاومة والبحث عن الحرية واستعادة الهوية يعيد الاعتبار الأدب غيب طويلا عن ساحات النقد والدرس.
مثلت ثورة الخامس والعشرين من يناير مصدر قلق كبير للكيان الصهيوني: فلم تكن إسرائيل تتوقع هذا الحدث الكبير الذين كان بإمكانه - لو استكمل مساره - أن يغير شكل المنطقة، ويؤثر سلبا على المصالحالصهيونية، ويخصم من رصيد قوتها في المنطقة. ولطالما استمدت إسرائيل مكانتها الدولية. من كونها الديمقراطية الوحيدة وسط عالم عربي ديكتاتوري، ولطالما أدركت أن تفوقها مبني أساسا على استمرار الاستبداد في العالم العربي الذي تنعكس آثاره على كل مناحي الحياة، فكان العالم العربي يزداد تخلفا، بينما يزداد الكيان الصهيوني تقدما. أمام هذا الحدث كان طبيعيا أن ينشغل الإسرائيليون: السياسيون ومراكز الأبحاث والمحللون. والدراسات الإستراتيجية. والإعلاميون بمتابعة ما يحدث من ثورات في العالم العربي، وانعكاساتها المحتملة على الكيان، والكتابة عنها، ووضع السيناريوهات المختلفة للتعامل معها حسب مجريات الأحداث.